تعتبر الموازنة على المستوى الوطني الإطار الأهم والأشمل الذي يترجم التوجهات العامة والتفصيلية للسياسات الحكومية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. وفي ظلّ المعطى السياسي القائم، لم يكن الحزب الشيوعي اللبناني يتوقّع أن يأتي مشروع موازنة عام 2022 أقل سوءا مما ورد في المسودّة التي وزّعت للنقاش على أعضاء الحكومة الميقاتية. فهذه الحكومة هي، بحسب ما أكّدته وتؤكده الأحداث، الإبنة الشرعية لأحدث صيغ النظام الطبقي/الطائفي، أي للنمط الاقتصادي الريعي الذي أبصر النور غداة اتفاق الطائف كترجمة لتحالف هجين بين أركان البورجوازية اللبنانية وما أفرزته الحرب الأهلية من قوى سلطوية طائفية. وإذ يتحمّل هذا النمط السياسي-الأقتصادي مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي في البلاد، فإن ما يصدر عنه من مشاريع موازنات لا مجال إلّا أن يثير الريبة والشكّ والحذر. وبالتالي فان المبتغى من تقييمنا لجوهر مشروع موازنة عام 2022، لا يكمن في عقد آمال كاذبة على إمكان تحسين هذا المشروع، بل التأكيد مجدّدا على موقفنا الثابت والذي ما برحنا نعلنه منذ انتفاضة أوكتوبر 2019: الحلّ الفعلي لا يكون إلّا بإسقاط هذا النمط الاقتصادي الريعي والنظام الطائفي الحاضن له وإنضاج بناء البديل الذي يجسّده قيام الدولة العلمانية.