السبت، آب/أغسطس 23، 2025

المصارف تنهب أموال اللبنانيين

يعيش اللبنانيون اليوم كابوساً مقلقاً مع الصرف المتزايد للآلاف من وظائفهم، الهزيلة أصلاً، ومن يبقى في عمله يعمل بنصف راتب، بدءاً من موظفي المصارف نفسها التي لا تستطيع تحمل أعباء أشهر قليلة رغم تمتعها بسنوات طويلة من الدلال والدلع. من ارتضى العمل بنصف راتب، خسر حوالي نصف قوته الشرائية جراء انهيار سعر الصرف وغلاء الأسعار والتضخم الحاصل. أما أولئك الذين كانوا معطلين عن العمل، فهم الفئة الأكثر معاناةً، حيث يتجهون إلى انهيار اجتماعي قد يجرّ الكثيرين إلى المجاعة أو التشرّد أو الهجرة، أو الارتهان لمراكز القوى السياسية والمالية لقاء الفتات. المصارف تنهب المال العام والخاص بشكل غير قانوني، وعلى رأسها ودائع المواطنين، خاصة أصحاب الودائع الصغيرة التي يمنعون أصحابها من سحبها دون أي مسوّغ. أين أموال اللبنانيين؟ لقد نهبوها. لقد هرّبوا مليارات الدولارات من ودائع كبار الرأسماليين والطغمة المالية، وأموال المصارف نفسها إلى الخارج، وحوّلوا مليارات الدولارات من الليرة إلى العملات الأجنبية خلال فترة الأزمة. لذلك، لا يستطيعون صرف المال لأصحاب الحق، للمتقاعد الذي وضع جنى عمره في حساب مصرفي، وللموظف الذي يمنعون عنه تعبه، بحجّة حماية مصالحه. المصارف سارقة، ومصرف لبنان يحميها ويغطيها. لقد أعطاها أكثر من 7 مليارات دولار خلال الهندسات المالية منذ 4 سنوات حتى اليوم، لكنّه لا يريد تدفيعها الآن جزءاً من الكلفة المطلوبة للإنقاذ. على المصارف أن تدفع، وعلى مصرف لبنان وحاكمه أن يرضخ. لن يدفع الفقراء الكلفة مرتين. من كان شريكاً في الربح في السنوات الماضية فليكن شريكاً في الخسارة، أما الفئات المستغلة التي عانت وضحّت وقدمت طوال العقود الماضية، فبأي حقّ يطلبون منها أن تكون شريكةً في الخسارة؟ لا لتوزيع الخسائر، نعم لتحميل الخسائر لمن تمتع بجني الأرباح. فلتكن انتفاضاتنا على هذا الطريق، وليدفع كلّ ذي ربحٍ سابقٍ، خسارة اليوم.

الإدارة الأميركية تندفع لتشريع المستوطنات الصهيونية

 
كان المجتمع الدولي، من خلال قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن، يرى أن لجوء العدو الصهيوني إلى توطين السكان، على أراضٍ احتلّها خلال حرب عام 1967 ليس أمراً قانونيّاً. والجدير بالذكر أنّ الولايات المتحدة الأميركية، كانت طرفاً في هذا الإجماع الدولي. ولطالما أشارت إلى أنّ هذه المستوطنات "غير شرعية" و"غير قانونية". لكنّ الإدارة الأميركية بقيادة ترامب غيّرت هذا الموقف، إذ تمّ الإعلان منذ أكثر من أسبوع، وعلى لسان وزير الخارجية مايك بومبيو أن حكومته "لم تعُد تعتبر المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية غير قانونية"، وأردف بومبيو قائلاً إن "وصف بناء المستوطنات الإسرائيلية بأنه مخالف للقانون الدولي لم يجدِ نفعاً، ولم يساعد في إحراز أي تقدم في قضية السلام". ولكنّه انسجاماً مع الواقع والمصداقية كان عليه أن يضيف "وذلك يعود للتعنّت الإسرائيلي وعدم انصياع الكيان الصهيوني للقرارات الدولية". من الطبيعي أن يهلّل نتنياهو للتصريح الأميركي ويطلب من كل الدول أن تحذو حذوه. لا شك أنّ الدعم الأميركي الجديد، ينال من مفهوم الحقوق الوطنية الفلسطينية، وحق تقرير المصير، ويعزّز التحرّك نحو التوسّع الاستيطاني، وضمّ المزيد من المستوطنات وبنائها على الأراضي الفلسطينية المحتلة. كما جاء على لسان أكثر من مسؤول أوروبي ودول أخرى. بل أكثر من ذلك شجّع قطعان المستوطنيين، على الهجوم لاحتلال منازل وبيوت فلسطينية وطرد سكانها وتشريد العائلات في العراء والمخيمات المجاورة، كما جرى في مدينة الخليل، التي أعلنتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (الأونيسكو) "مدينة تراثية فلسطينية" لا تمت إلى اليهودية بصلة تاريخية. كما تجدر الإشارة في هذا السياق، أن ما يربو على 413 ألف مستوطن صهيوني يعيشون في هذه المستوطنات وتزداد أعدادهم، وهناك 13 مستوطنة في القدس الشرقية ويسكنها 215 الف مستوطن - وهذه بعد اتفاق أوسلو المشؤوم – وستزداد بوتائر سريعة بعد القرار الأميركي الأخير، والقرارات السابقة كالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ويهودية هذه الدولة والكيان المصطنع. إنّ خطوة القرار الأميركي، لا تتمثل بالاعتراف بهذه المستوطنات فحسب، بل إن وجود هذه المستوطنات في القدس والضفة الغربية، يجعل من المستحيل قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة، لأنّ حرية التنقل تُقيّد من خلال مئات نقاط التفتيش وحواجز جيش الاحتلال والعقبات التي يضعها بذريعة "حماية أمن المستوطنات". ونذكر هنا أن آخر حاجز لجيش الاحتلال يبعد بضعة أمتار عن مقر السلطة الفلسطينية في رام الله حيث يخضع رئيسها في الدخول والخروج لمزاجية وأوامر الاحتلال المذلة والمهينة، هذا من جهة، أمّا من جهة ثانية، سقطت الرهانات التي أقامتها السلطة الفلسطينية على قيام دولة فلسطينية وعن طريق المفاوضات وبرعاية أميركية وحدها، وهذه أيضاً برسم الفصائل الفلسطينية والحركات المقاوِمة التي سارعت إلى القبول بدولة فلسطينية على أراضي الـ67، وقدّمت تنازلاً مجانيّاً للكيان الصهيوني، الذي لا شك يضحك ويسخر منه العدو، لأنّه اعتراف ضمني بالدولة القائمة على ما بقي من أراضٍ فلسطينية أي "إسرائيل"، ولم يحصلوا بالمقابل ويحصدوا إلّا الخيبة والازدراء من العدو الصهيوني. وقد عبّر نتنياهو عنه بالقول "إنّ إقامة دولة فلسطينية تعني بدء نهاية إسرائيل". إنّ الإدارة الأميركية أنهت اللبس في السياسة الأميركية، من خلال الاعتراف بسيادة الاحتلال على القدس الشرقية ومرتفعات الجولان. وهذا ما جعل نتنياهو بالمقابل يعلن بأنّه "يسعى إلى ضم وادي الأردن وشمال البحر الميت مستقبلاً".أمّا ما يخفيه ترامب ويعدّه من مفاجآت، وقد قال أنّه سيعلن عنها قريباً، هي خطته لاتفاقية سلام إسرائيلية - فلسطينية، أسماها صفقة القرن، فهو إمّا سيعود لفكرة الكونفدرالية بين الأردن وما تبقّى من أحياء وبلدات مُقطّعة الأوصال مع الضفة الغربية. ولا سيّما أنّ هناك ترحيباً من مسؤول أردني في هذا الخصوص، وبين مصر وقطاع غزة، وإن لم تنضج على هذا المحور، فالبديل إقامة إمارة بين قطاع غزة ومصر، بعد استقطاع أراضٍ من شمال سيناء وضمّها للقطاع. كل ذلك يجري، في ظل صمت عربي لا نقول مريباً بل بتواطؤ واضح تمثل بموافقة أنظمة عربية رجعية، وبخاصة خليجية، تقيم علاقات مع العدو الصهيوني، أضحت علنية، فيما تدّعي دعمها لحقوق الفلسطينيين، وهو دعم لفظي لا يُصرَف على أرض الواقع. ولم يبقَ أمام الشعب الفلسطيني إلّا النضال والمقاومة، "لأنك لست مهزوماً ما دمت تقاوم". لن تتحقق قضية الشعب الفلسطيني بالمفاوضات بل بوحدة الفلسطينيين لتصعيد المقاومة، من أجل قيام الدولة الوطنية على كامل التراب الوطني الفلسطيني.  

خريف شانغهاي الذهبي

 
تركّزت عيون العالم وأبصاره في النظر إلى الاستعراض الأسطوري للجيش الصيني في بيجين (بكين) احتفالاً بالذكرى السبعين لتأسيس الجمهورية الشعبية. اكتمل الاحتفال بنشر مواد إعلامية على نطاق شامل عاش من خلالها كل مواطن صيني، من أمّة تجاوز عديدها المليار ونصف المليار نسمة، أهمية الثبات والمثابرة، كلّ فرد حيث هو في مجتمعه وعمله، بمن فيهم كبار المسؤولين وقادة الدولة. من أهم تلك المواد الفيلم السينمائي "أنا ووطني الأم" الذي حقق في شبابيك التذاكر أرقاماً قياسية، إضافة الى سلسلة "نحن سائرون على الطريق السليم" (مجموعة من الأفلام الوثائقية بثّتها قنوات تلفزيون الصين المركزي). احتفل أكبر شعب- دولة، قلباً وقالباً، بماضٍ مجيد ومستمر في ظلّ تحديات محلية سلمية تنافسية وخارجية عدوانية. تميّزت المشاهد في كل منطقة ومقاطعة ومدينة بعروض تعكس تراثها وتقاليد أهلها. وفي هذا السياق كان "خريف شانغهاي الذهبي"، التسمية التي تمّ إطلاقها على مهرجان تلك المدينة الدولي للفنون بدورته الأولى بعد العشرين التي استمرّت طيلة شهر طويل كامل (31 يوماً) وشملت عروضا قدمها 15000 مبدع من 65 دولة خلال 350 نشاط بأشكال متنوعة. لقد احتلّت الصين مركزاً رائداً في مجال النمو والاقتصاد والتجارة ودفع شعبها دما ليروي حرية ويحمي وطنا وشعبا قرر، متى استطاع، أن يتشارك النجاح مع أرجاء المعمورة كلها، لأنّ مصيرَ الانسانية واحدٌ والاستثمار في البنية التحتية يخدم كل إنسان، هذا ما اتّفقت عليه الدول المنضوية في مبادرة "حزام وطريق"، وهذا ما دعت إليه شانغهاي في معرض الاستيراد الذي عامل الجميع على أساس المساواة، بما في ذلك الشركات الصينية لمن يقومون بتسجيل شركاتهم في الصين. وفي تلك المدينة الدافئة أيضاً، أتت "على قدر أهل العزم العزائم" ، وكان لفرنسا نصيبٌ كبير، عقود بأكثر من 15 مليار دولار (من أصل 57 مليار مجموع قيمة العقود التي تمّ توقيعها خلال المعرض)، نتج عنها موجة انتقادات لفرنسا بسبب السياسة الأحادية والحمائية التي ارتدّت إليها الولايات المتحدة الاميركية بعد أن هدمت حدود اقتصاد بلدان أخرى بحجة ضرورات العولمة. لعبت شانغهاي دوراً تحفيزيّاً هامّاً للاقتصاد العالمي بعد سنة من الركود دون أن يكون هناك أي بريق أمل للتفاهم مع الرئيس الأميركي ترامب مُفتعِل الأزمة. ما ربحته الصين من المعرض يقوم على ما استطاعت أن تقدّمه من مواد ذات مواصفات وجودة تستجيبان لما تبحث عنه طبقات اجتماعية معينة، بالإضافة إلى منافع اقتصادية محلية، وذلك دون أي تجاوز لعرف محلي أو قانون سيادي. أصبحت الصين ثاني دولة عالميّاً وهي تقدم التسهيلات لتعزيز القدرات على الشراء بدل خوض الحروب الكونية بحثاً عن مستهلكين وأسواق، عكس ما قامت به كل تلك الدول التي ارتضيناها أن تكون عظمى تبيع مستقبلنا وتشتري أحلامنا وتدمّر ثقافتنا. وهي، في سعيها لوضع اليد على خيراتنا، تعمل على نسف وتدمير حضاراتنا وتحويل حواضرنا ومدننا إلى بؤرٍ للبؤس والفساد والجريمة. المدينة في الصين، وإن اتّهمها البعض بأنّ فيها "مظهراً واحداً لألف مدينة"، يجمعها بكافة المدن نشاطٌ واحدٌ هو السباق في مجالات التنمية ورفع القدرات التنافسية الاقتصادية من تجارة وصناعة وزراعة، وبالطبع، دونما إهمال للثقافة الملازمة لكل تطور اجتماعي. وهكذا تتوضّح الصورة و تتميّز. المدينة تتبدّل وتتطور، كما هي حال حياة هذا الشعب الذي انتهج "الاشتراكية بخصائص صينية" (كما يردد الرئيس الصيني تشي جين بين دائماً). إن الوصول إلى درجة عليا في السلّم لا يجيز التخلي عن الدرجة الأولى، من هنا أهمية التوازن، من جهة، بين الحفاظ على إرث أهل المدينة كلهم، ومن جهة ثانية تجديد المعالم القديمة، من مساكن أو مصانع للاستفادة منها في عملية مجاراة الحياة العصرية مع ما تحتويه من تطبيقات رقمية دخلت الجيل الخامس. يعرف كل متابع، فكرة تحويل الأبنية المستغنى عنها إلى وظائف جديدة للحفاظ عليها، ومنها العديد من "الآثار" الصناعية التي أضحت مبانٍ سياحية. فيُصبح المبيت فيها أو تناول الغذاء أو ارتشاف القهوة شبيهاً بفتح كتاب مدونات وذكريات جيلٍ عاش أو عمِل في المبنى ذاته خلال زمنٍ مضى، لتتحوّل المنازل والمصانع القديمة إلى كتبٍ نقرؤها في سياق التجول والتسامر في أرجائها. لا يمكن أن تكون الصناعة بحاضرها وماضيها، كتلة جامدة من الخرسانة، إنما هي جزء من ذاكرة المدينة وأهلها وهويتهم الحالية، هي كائن جميل ومليء بالمشاعر الإنسانية المرهفة. وما دام الكلام قد أوصلنا إلى الحديث عن المشاعر، أعود إلى نفسي، أنا الذي نشأت وترعرعت في وطني اللبناني، والذي طالما اعتبرته، كما زعموا لنا في المدرسة أيام الطفولة، همزةَ وصلٍ بين الشرق والغرب ومنارة للثقافة والرقي ومبدع الأبجدية وناشر المعرفة ونموذج التعايش... تلك أساطير تبخّرت من ذهني قبل أن أخدمَ العلم وقبل أن أهاجر، فتركَتْ في نفسي ألف غصّة وغصّة. ليت الآتي من الآيام يمحو بعضها!

السابع عشر من تشرين: نحو حركة طلابية ثورية

لقد قالها الطلاب "يا بيروت شدي الحيل تنسقِّط رأس المال". تصدّع جدار البنية الطائفية في السابع عشر من تشرين الأول. كانت تلك الليلة نقطة تحول أولى لا رجعة عنها في تاريخ لبنان المعاصر. كانت شرارة تحوّل في الحسّ الطبقي المدفون تحت رمضاء الطائفية السياسية. وأمّا نقطة التحول الثانية كانت بين 20 و22 من الشهر عينه بين خطاب الأمين العام لحزب الله واستقالة الحريري من جهة والاعتداء الذي قاده المنطق الإقصائي الهمجي لشبيحة الأحزاب الطائفية من جهة أخرى. تجلّت معالم المواجهة المفتوحة بين أذرع الترهيب للدولة الطائفية الريعية وبين شعب هذه الأرض. أي أنّ تناقضات البنية باتت بينة لا تقبل التأويل: الدولة – أداة قمعية تتّكئ على عماد الهيمنة الدينية والاقتصاد التبعي مقابل شعب – أهل الأرض من المواطنين واللاجئين والعمال المهاجرين الذين قرروا الخروج عن صمتهم. أبناء شعبنا من الطلاب والشباب والعمال والعاطلين عن العمل رابطوا في الساحات رغم طبول القمع المفتوحة عليهم ليكون فعلهم إعلاناً صريحاً بأنّ المواجهة قائمة والمسؤولية تاريخية. لكنّ التاريخ صيرورة. لم ينفجر الغضب الشعبي في هذه الأيام مصادفة فقد أتى تشريننا هذا بعد سنة حافلة بالاحتجاحات، بدأت بإضراب المعلمين فحراك طلاب الجامعة اللبنانية الذي انبثق عنه  تشكيلات طلابية اتّخذت لنفسها موقع النقيض من البنية الطائفية. وقد توجت التحركات مع حراك المخيمات الفلسطينية الذي امتدّ على مدار تسعة أسابيع والذي عكّر صفو المفاهيم المعلبة للأنا والآخر في مجتمع تمزقه الهويات المجتزأة. تظاهر سكان المخيم (من الفلسطينيين والسوريين واللبنانيين) باسم العمل والعمال ضدّ البنية القانونية اللبنانية لما فيها من تكريس للريع والعنصرية والزبائنية والعزل والإقصاء. انتفضت المخيمات ضد بنية النظام القانونية تلك عينها التي تعفي أصحاب راس المال والشركات والمصارف الكبرى من الضرائب وتحرم الفقراء (بمعزل عن جنسيتهم) من الحق في العمل والسكن والطبابة. غضِبَ طلاب جامعة الفقراء فانفجر الشعب انتفاضةً ستغيّر مجرى الزمان في هذا الوطن. تصدّع جدار البنية الطائفية في السابع عشر من تشرين وبدأت معالم الحسّ الطبقي والغضب الوطني الجامع تتجلّى، مُحطّمةً ثقافة الأيقونة السياسية وهيبة الحزب الطائفي فقالها الطلاب "بدنا علم وخبز ومصنع! نحنا الشعب اللي بقرّر ولمّا بدنا منغيّر!". لقد وضعت حركتنا الطلابية في لبنان نفسها في موقعها الطبيعي كجزء من الحركة الوطنية في البلاد. وإن كانت انتفاضة ليلة 17 من تشرين نقطة تحوّل أولى في صوغ معادلة تقرير المصير في البلاد و ليلة الـ22 نقطة تحوّل ثانية في وعي الانتفاضة للتناقض الوجودي بين الإرادة الشعبية والنظام اللبناني، فصبيحةُ السادس والسابع من تشرين الثاني كانت نقطة التحول الثالثة. نقطة تحوّل لا رجعة عنها في قواعد المواجهة بين النظام والحركة الشعبية. إنّ خروج الجسد الطلابي ككتلة متراصّة إلى الشارع في السادس من الشهر الجاري لهو انتفاضة تولد من رحم الانتفاضة.إنّ تحرّكَ الجسد الطلابي حصنٌ معنوي وفكري منيع للخطاب الجماهيري في الميدان. فمن شأن ولوج شخص الطالب في الشأن العام وبالتالي تبنيه لوجوده كفاعل سياسي، أن يقي وعي الشعب السياسي التحرّري من مغبّة الانكماش الذاتي أو التراجع أو الوهن. أي أنه لا مجال لسيناريو "التداعي السياسي" الآن، ولا مجال للمساومة مع بنيان النظام القائم الآن خاصّة بعد مأثرة طلاب الجامعة اللبنانية في السابع من تشرين الثاني، حيث أعلنت التشكيلات الطلابية المستقلة في الجامعة اللبنانية تمرّدها على مجالس طلاب الفروع – رموز إرهاب الدولة ضمن بنيان الجامعة اللبنانية القائم، الذي حول المؤسسة إلى آلة تجهيل ممنهج لإعادة إنتاج الطغمة السياسية والاقتصادية الحاكمة إداريّاً، ولتكريس ثقافة التطبيع والمطاوعة شعبيّاً. لا يقلّ الفعل الذي حرّر صرح الحدث من صمته في السابع من الشهر الجاري عن فتح ميداني ينتظر جلاءً فكريّاً أكثر جموحاً في جذريّته لكي ننتقل من مرحلة الحس الوطنيوالطبقي إلى فضاء الوعي الطبقي والوطني الجماهيري. خلاصةً، فقد وضعت حركتنا الطلابية في لبنان نفسها في موقعها الطبيعي كجزء من الحركة الوطنية في البلاد. أي أنّنا قد أعلنا مواجهة واقع مؤلّف من حقيقتين، الأولى هي البنيان التابع لأنظمتنا الرجعية والثانية فهي الراهنية الإستعمارية المتمثلة بالكيان الصهيوني التوسعي القاضم للأرض والأنهار والذي يتوغّل في بنياننا الاقتصادي على صيغة شركات عالمية. إن استمرارية هذا الواقع تُحتّم علينا جملة من المهام تتمثل بـالآتي: أوّلاً، ضرورة نشر وعي نقيض للنظام من جهة ولحالة الاعتراض الليبرالي من جهةٍ أخرى. على الوعي الطلابي النقيض مواجهة استفحال منطق منظمات المجتمع المدني المدعومة من الخارج والطروحات المطلبية المجتزأة والمهادنة للمنطق "الدستوري" الراهن. فمن غير المقبول أن نطوّع خطاب انتفاضتنا لـ"إصلاحات" متناثرة أو "تعديلات" قانونية لمنظومة آسنة في الجوهر. كأن نطالب بـ"تعديل قانون الضرائب أو العمل" بدلاً من أن نركّز على إلغاء المنظومة الضريبية نحو نظام جديد يرتكز على شطب الدين العام  وتأميم المصارف وإلغاء الضريبة غير المباشرة نحو اقتطاعات جبرية لذوي الشركات الكبرى واستعادة المال من الأوليغارشية الـ"وطنية". من غير المقبول أن نذعن لمنطق "التعديات" ضمن بنية السوق القائمة دون أن نعلّي الصوت ضدّ التمدد الإستعماري الجديد للشركات متعددة الجنسيات التي توفر فرص عمل منتجة للاستهلاك والتبعية لاقتصادات الخارج. من غير المقبول أن يسقط لنا جرحى وشهداء وأن تُحرق خيامنا ويُضرب شبابنا وشيوخنا في رياض الصلح والزيتونة وصيدا وكفررمان والنبطية وجونية وجل الديب وقبلهم في مخيم المية ومية ونهر البارد وعين الحلوة بأسلحة تستوردها سلطتنا الرجعية الطائفية من سوق السلاح العالمي الذي يتمول من السيولة الناتجة عن استهلاكنا لسلع الشركات العالمية مثل"نتسلة وبوما وباتشي وجي فور أس وزارا وأيشتي... إلخ". من غير المقبول أن نُضرب حدّ الإدماء تحت هراوات مكافحة الشغب وبنادق العساكر المستوردة دون أن نلحّ على فرض سياسة حمائية قاسية تكفّ عنّا بطش الدولة الفاشلة من جهة، وارهاب الدول العالمية وثقافاتها الاستعمارية من جهة أخرى.  ثانياً، ذلك الوعي يتطلب إسنادَ أمر قيادة الحركة الجماهيرية الطلابية إلى مساحات الإنتاجالمعرفي الجماهيرية المفتوحة، حيث من الممكن بلورة كوادر فكرية ثورية مُخوّلة تنظيم حركة حزبية سياسية راديكالية تنشط فكريّاً ضمن منطق جدلي يصل حركة التحرّر الوطني بالمواجهة الطاحنة ضدّ النظام اللبناني التبعي نحو العدالة الاجتماعية. وذلك لا يتحقّق إلّا بتكثيف الجهود نحو مأسسة مدرسة ميدانية ثورية ترتكز على مفهوم الإنتاج المعرفي الشعبي- الجماهيري المنظم. ثالثاً، ذلك يؤدي بنا إلى ضرورة النضال ضدّ الإستيراد المعرفي فيما يخص المساحة الأيديولوجية الثورية، وذلك من خلال نقض النهج "اللاسياسي" ونهج "الخندقة" السياسية الفكرية التي تستمد غذاءَها الفكري من استفحال أنماط الاستهلاك المعرفي الغربي والإعلام التبعي متعدّد الأقطاب. ذلك يستتبع وجوب بلورة منهجيات علمية وطنية تحررية من خلال استنهاض أدبيات الفكر التحرري العربي (وغيره من أدبيات عالم الجنوب)، ونقضه ضمن قراءة تحررية لتاريخ الوطن العربي بالمجمل والقطري اللبناني على وجه الخصوص. فمن غير المسموح أن نحرّر جامعتنا الوطنية من الطائفية السياسية لنجدها جامعة منتجة ضمن منطق تبعي وفقاً لمعايير الاستلاب الأكاديمي الأجنبي سواءً على مستوى المنهاج أو التخطيط البحثي والإنمائي. رابعاً، وفي هذا المضمار نصل إلى ضرورة نسج العلاقة بين طلاب الجامعة الوطنية وطلاب الجامعات الخاصة على أساس نظرة تضع نصب أعينها وجوب تقويض دعائم القطاع التعليمي الخاص نحو تأسيس مؤسسة تعليمية تربوية تحررية وطنية. لا يمكن مقاربة مشاغل الطلاب في القطاع التعليمي الخاص بالأزمة الوجودية المتعلقة بالجامعة اللبنانية. إن القطاعين  كيانان نقيضانشكلاً ومضموناً على كافة الأصعدة إداريّاً وماليّاً وزبائنيّاً ومعرفيّاً. وإنّ مؤشر رخاء قطاع التعليم العالي الخاص لهو مقرون بديهيّاً بعلاقة عكسية مع تطوّر مقومات الجامعة اللبنانية معرفيّاً وزيادة الحرية والرخاء الطلابي فيها. نشير إلى ذلك لنقول صراحةً أنّ اتحاد الجسد الطلابي في لبنان لا بد ألّا يهدف إلّا إلى انشاء اتحاد طلابي وطني عام يأخذ على عاتقه على المدى الطويل تأميم قطاع التعليم العالي ككل نحو تثوير قطاع الإنتاج المعرفي في معركة ضروس ستُشحذ لها العيون، لكنّ لا مفر من خوضها. أخيراً، لابدّ أن تعمد حركتنا الطلابية إلى تعبيد الطريق نحو هندسة هوية إقليمية تمكنها من إنشاء أطر طلابية تضامنية فاعلة على امتداد الوطن العربي والعالم، نحو تحطيم المنهجيات القطرية والإقليمية، وخلق منهجيات وحدوية ما سينعكس إيجاباً على تسييس الحركات الحقوقية التضامنية التي طالما احتكرتها أسواق المنظمات غير الحكومية وتابعيتها الغربية. محليّاً، هذا يحتم التشديد على الهوية الطبقية للحركة الطلابية وذلك يستوجب إعادة صقل الخطاب الطبقي الوحدوي العابر للمواقع والتصنيفات القانونية (مواطن ، لاجئ، نازح، مقيم غير قانوني إلخ...) والنضال الفعلي ضد عمليات العزل والإحتواء الجغرافي المناطقي التي تنتهجها الدولة اللبنانية لترويض المزاج العام وتطبيع منطق التفرقة والإقصاء على حساب عملية الوحدة الجماهيرية الطبقية التي تبلورت اليوم بشعار "يا شعبي لازم تعرف، أكبر حرامي المصرف". في السابع عشر من تشرين الأول عام 1973 التجأت مجموعة "تشي غيفارا" بقيادة علي شعيب ورفاقه الستة من اللبنانيين والفلسطينيين الشيوعيين إلى بيوت مخيم صبرا وشاتيلا وباتوا بين أسرّة الفدائيين قليلاً قبل أن يذهبوا لينفذوا أكبر عملية سطو مسلح على مصرف في تاريخ لبنان. في الثامن عشر من تشرين وقف علي أمام الرهائن قائلا "لا تخافوا فالعملية لا تستهدفكم وليست للسلب.... نحن هنا لأنّ الثورة هي حمل السلاح ضد نظام الـ 4 % .... وديمقراطية الـ 4% وتشريع الـ 4% وعدالة الـ 4%..." استشهد منفذو العملية ولكن ها نحن هنا بعد 46 سنة بالضبط! ننتفض ضدّ الـ 1% ومصارفهم. كثيرةٌ هي مهامنا وكُثرٌ هم أعداؤنا في معركة التحرر الوطني والعدالة الاجتماعية، لكن الأزمة لن تُفرج بسهولة بعد أن استفحلت حلقاتها. إنّها المرة الأولى منذ مجموعة غيفارا التي تجد فيها الطغمة السياسية والاقتصادية اللبنانية نفسها في مواجهة شارع يريد استئصالها ونسف الأسس التي قامت عليها. إنها مغامرة وجودية كبرى تتحدّى مفهوم الدولة اللبنانية وتاريخها ومستقبلها. ولأنّ الأعداء كثرٌ والشارع أسرع في مشاعره من قدرتنا التنظيمية كطلاب، علينا أن نكون واقعيين والواقعية هي أن لا نطلب أقل من المستحيل لأنّالمواجهة قائمة والمسؤولية تاريخية.

عامر الفاخوري.. عمالة يُزيّنها الإجرام

 
مضى على عودة العميل عامر الفاخوري الوقحة، عبر مطار بيروت الدولي، أكثر من شهرين. وكشفت هذه العودة أنّ هناك جهات نافذة داخل أجهزة الدولة ومؤسساتها مهّدت له الطريق لعودة آمنة مطمئنة، وهو العميل الخائن للوطن لصالح العدو الصهيوني، والمعروف بجزّار معتقل الخيام لما ارتكبه من جرائم موصوفة بحقّ أبناء الوطن ممّن دخلوا إلى المعتقل بتهمة ممارسة حقهم الطبيعي بمواجهة قوات الاحتلال وعملائه. فكيف لهذا المجرم الذي يدرك جسامة ما ارتكبه خلال مدّة تعامله الطويلة مع الاحتلال أنْ يطمئنَّ لعودته بهذه السهولة لو لم يكن هناك من جهات تمتلك قراراً قويّاً داخل مؤسسات الدولة الأمنية والقضائية؟!فمن هي تلك الجهات؟ وهل ما قامت به يُصنّف في خانة الجهل والخطأ؟ أم أنّها جزءٌ من مشروع الخيانة الأخطر داخل جسم الدولة؟ هذا السؤال سنبقيه بِرسم الرجال الوطنيين الذين يحظون بثقتنا كأسرى محرّرين وكأحرار في هذا الوطن، مدركينَ أنّ معركتنا مع العدو الصهيوني ما زالت طويلة ولم تنتهِ بعد.بيّنت المعلومات التي كشفتها الأشهر القليلة الماضية أنّ الفاخوري هو العميل رقم 203 من عدد العملاء الذين عادوا بنفس الطريقة إلى لبنان، من دون أن يتعرّض لأي مساءلة أو متابعة إلّا عددٌ قليل منهم. وتبيّن بعد توقيف الفاخوري أنهم تواروا عن الأنظار، أو أنّهم غادروا البلاد مجدّداً خوفاً من أن يلحقهم ما لحق بالعميل الفاخوري، كونهم شركاء فعليين في جرائمه. وعلى الرغم من الدور الاستثنائي الذي لعبه أحد عناصر الأمن العام في المطار بيقظته الوطنية لكشف عودة جزار الخيام، إلّا أنّ عوامل أخرى ساهمت على ما يبدو وسهّلت توقيف الفاخوري وانكشاف أمره، بخلاف العملاء الـ 202 الآخرين. ومن هذه العوامل أنّ الفاخوري، الذي يحمل جواز سفر إسرائيلي، كان يحاول تجديد جواز سفره اللبناني من السفارة اللبنانية في واشنطن، وعندما تأخر الردّ عليه، تواقح ربما وبزلّة لسانٍ أو عجرفة معروفاً بها، أنّه لن يحتاج إلى جواز سفر لبناني لأنّه خلال عام من ذلك التاريخ سيكون بحوزته جواز سفر أميركي سيخوّله دخول لبنان دون أي عائق. وقد شكّل تسجيل هذه المعلومة من قبل العين الساهرة لدى الأمن العام إلى جانب اسم الفاخوري المُسقط أصلاً من البرقية 303 الخاصة بمتابعة العملاء طرف الخيط الذي أوقعه في شباك القضاء اللبناني، العسكري والمدني، بعد أن تقدّم عدد من الأسرى المحررين وعبر لجنة من المحامين بدعاوٍ شخصية ضد الفاخوري، وقدّموا شهاداتٍ حية عن معاناتهم وآلامهم الجسدية والنفسية من جرّاء ممارساته الوحشية تجاههم بصفته المسؤول الأول عن قسم الحراسات في معتقل الخيام، قبل إغلاقه واندحار قوات الاحتلال الصهيوني عن الجنوب عام 2000، ومسؤوليته المباشرة عن تعذيب وإخفاء العديد من المقاومين الأسرى وعلى رأسهم الأسير علي حمزة الذي ما زالت آثاره مجهولة حتى الآن. إنّ تسليم ملف العميل الفاخوري للقضاء اللبناني من قبل الأسرى المحررين وهيئة ممثليهم، وتحرّكاتهم أمام قصر العدل، والمحكمة العسكرية في بيروت ومناطق أخرى، يأتي ضمن قناعاتهم التزام القانون والقضاء العادل المنتظر منه إنصافهم وأخذ حقهم ممّن عذّبهم ونكّل بهم وبعائلاتهم، واستخدم أقذر الأدوات غير الإنسانية ضدهم كأسرى مقاومين لإيذائهم ماديّاً ومعنويّاً. إلّا أنّ شكوكاً كبيرة بدأت تحوم حول جدّية القضاء واستقلاليته في متابعة هذا الملف والوصول إلى خواتيمه بالسرعة اللازمة، لا سيّما بعد تكرار عمليات التأجيل لجلسات التحقيق التي كانت مُقرّرة للعميل الفاخوري في قصر عدل النبطية، حيث قدّم عدد من الأسرى المحررين وعلى رأسهم المناضلة سهى بشارة دعاوى خاصة بحق الفاخوري.وقد عبّر الأسرى المحررون في أكثر من تجمع أقاموه أمام قصر عدل النبطية، عن قلقهم من الطريقة غير المسؤولة لتعاطي القضاء مع هذا الملف، والمماطلة فيه، والأخذ بأسباب تمارض الفاخوري لتأجيل إحضاره أكثر من مرة مخْفوراً إلى المحكمة من دون الأخذ بعين الاعتبار مساحة الألم المختزَنة في أجساد وأرواح هؤلاء المعذبين على أيدي جزار الخيام، وثقل الزمن المنتظر منذ فترة طويلة الذي سيُحقّق لهم شيئاً من العدل، واستعادة الكرامة، وتحصين وطنهم من لوثة العمالة وقطع دابرها. إنّ تخوّف الأسرى وقلقهم يعزّزه معرفتهم الأكيدة بحجم الضغط الذي يمارس على القضاء داخليّاً وخارجيّاً، والمحاولات المتكرّرة لاستلابه دوره ومكانته لمصالح سياسية وحسابات بعيدة كل البعد عن الحق والمصلحة الوطنية. كما أنّ الأحكام السابقة الشكلية في معظمها بحق العملاء والتساهل الكبير معهم، يدفع الأسرى المحررين وإلى جانبهم أحرار هذا الوطن ومقاوميه للبقاء على أهبة الاستعداد من أجل أن يأخذ القضاء مجره وبالسرعة الممكنة للاقتصاص من هذا الجزاء وأمثاله، وإنزال حكم الإعدام الذي يستحقه بعد كل الجرائم التي ارتكبها، وضمان عدم التدخل المشبوه في هذا الملف لا سيّما من السفارة الأميركية، محذّرين من أنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي تجاه أي جهة تحاول الاستهتار بآلامهم وجراحهم ودماء المقاومين الشهداء الذين سقطوا على أيدي الجلادين العملاء وعلى رأسهم الفاخوري، ومؤكدّين أنّ الثقة الممنوحة للقضاء اليوم هي على المحك، لا سيّما في زمن انتفاضة الشعب اللبناني الذي يطالب بالتغيير الجدي بطبيعة النظام، ومحاربة الفاسدين قي مؤسسات الدولة، وبناء قضاء نزيه مستقل يكون الفصل بين العدل والظلم، ويعيد الاطمئنان لكل صاحب حق في بلدنا. آملين أن يكون الموعد الثالث الذي حُدّد في الخامس من كانون الأول المقبل هو الموعد الأخير لبدء المحاكمة الحقيقية لهذا الخائن. إن نزول معظم الأسرى المحررين للشارع إلى جانب أبناء شعبهم المنتفض لرفع الصوت وانتزاع الحقوق والمطالب المرفوعة، يثبت استعدادهم الكامل، مرة أخرى، لاستكمال عملية التحرّر الوطني ومقاومة الاحتلال التي كانوا من صُنّاعها، بعملية التحرر الديمقراطي والاجتماعي على المستوى الوطني.